مقدمة
ينظّم القانون القطري شركة المحاصة باعتبارها أحد أشكال شركات الأشخاص، وذلك وفقًا لأحكام القانون رقم (11) لسنة 2015 بشأن الشركات التجارية. وتتميز شركة المحاصة بأنها شركة مستترة لا تظهر نشاطها للغير، ولا تكتسب الشخصية المعنوية، ولا تخضع لإجراءات الشهر أو القيد في السجل التجاري. وذلك ما يمنحها طابعًا خاصًا من حيث التأسيس والإثبات والانقضاء.
أولًا: ما المقصود بشركة المحاصة؟
وفقًا للمادة (53) من قانون الشركات، يتم توضيح التعريف الخاص بشركة المحاصة على النحو الآتي:
“شركة المحاصة هي شركة مستترة لا تسري في حق الغير، ولا تتمتع بالشخصية المعنوية، ولا تخضع لأي من إجراءات الشهر.”
وبناءً على ذلك، يمكن استخلاص أن شركة المحاصة:
- غير ظاهرة أمام الغير.
- لا يعتبرها القانون شخصًا قانونيًا مستقلاً.
- يمكن إثباتها بجميع طرق الإثبات بما فيها الشهادة والقرائن.
وبمعنى آخر، هي شركة قائمة على الثقة المتبادلة بين الشركاء، وتُدار باتفاق خاص لا يُعلن للغير.
ثانيًا: كيفية تأسيسها
على عكس باقي الشركات، لا يشترط للتأسيس إجراءات شكلية مثل الشهر أو القيد، ويكفي توافر الأركان الموضوعية للعقد.
الأركان العامة لعقد الشركة
- الرضا: اتفاق الشركاء على إنشاء المشروع وتحقيق الربح.
- المحل: ممارسة نشاط تجاري مشروع.
- السبب: غرض الشركة يجب أن يكون مشروعًا وموافقًا للنظام العام.
الأركان الخاصة بشركة المحاصة
- تعدد الشركاء: شخصان أو أكثر، ولا يكتسب الشريك فيها صفة التاجر.
- تقديم الحصص: سواء نقدية أو عينية أو حقوق لدى الغير.
- الاتفاق على الأرباح والخسائر.
- نية المشاركة: رغبة الشركاء في الاشتراك الفعلي.
كما نصت المادة (56) من القانون على أن
يبقى كل شريك مالكًا للحصة التي تعهد بتقديمها، ما لم ينص عقد الشركة على خلاف ذلك.
ثالثًا: البيانات الواجب توافرها في العقد
انسجامًا مع ما سبق، يجب أن يتضمن عقد الشركة بيانات محددة لضمان وضوح العلاقة بين الشركاء. والتي تشمل:
- اسم الشركة وغرضها ومقرها.
- بيانات الشركاء (الاسم، المهنة، الجنسية، الموطن…).
- مقدار رأس المال وتوزيع الحصص.
- تاريخ التأسيس والمدة.
- كيفية الإدارة.
- بداية ونهاية السنة المالية.
- أسلوب توزيع الأرباح والخسائر.
وقد أكدت المادة (54) على أن:
عقد شركة المحاصة يجب أن يحدد الغرض، وحقوق الشركاء، والتزاماتهم.
رابعًا: كيفية انتهائها
أما عن انتهائها، هي تنتهي مثل باقي شركات الأشخاص عند تحقق أحد الأسباب التي حددتها المادة (291) من قانون الشركات، ومن أهمها ما يلي:
- انتهاء المدة المحددة في العقد.
- تحقق الغرض الذي تم إنشائها من أجله.
- هلاك رأس المال.
- وفاة أحد الشركاء (نظراً لكونها شركة تعتمد على الاعتبار الشخصي).
- إجماع الشركاء على الحل.
- صدور حكم قضائي بحل الشركة.
مميزات شركة المحاصة
ومن خلال استعراض أحكامها، يتضح أن الشركة تتمتع بعدة خصائص تمنحها مرونة في التعامل، ومن أبرزها:
- الاستتار: لا تظهر أمام الغير.
- المرونة: لا تخضع لإجراءات الشهر أو القيد.
- عدم اكتساب الشخصية المعنوية: لا يعتبرها القانون كيانًا قانونيًا مستقلًا.
- سهولة الإثبات: يتم إثباتها بجميع وسائل الإثبات القانونية.
الخاتمة
وفي الختام، يمكن القول إن هذا النوع من الشركات يُعد نموذجًا مميزًا ضمن شركات الأشخاص في القانون القطري، لما يتمتع به من بساطة في التأسيس ومرونة في الإدارة. وذلك نظراً لكونه كياناً تجارياً لا يظهر في مواجهة الغير ولا يكتسب شخصية اعتبارية مستقلة. يكفي فيه توافر النية المشتركة والاتفاق على الحصص والأرباح والخسائر لقيام العلاقة بين الشركاء. كما أن الانقضاء يخضع للأسباب ذاتها التي تنتهي بها بقية الشركات من هذا النوع. وذلك ما يجعله خيارًا مناسبًا للمشروعات المؤقتة أو الاتفاقات التي تتطلب قدرًا من السرية والمرونة.
